أخيرا يخرج ألبوم عمرو دياب "الليلا دي" إلى النور، وكالعادة كان يُحَضِّر لجمهوره مفاجآت جديدة، سواء في اختياره للكلمات والألحان أم حتى على مستوى أدائه هو نفسه، خصوصا أنه يمر بحال مختلفة مع هذا الألبوم مع تزايد الأصوات الجديدة التي يهدد بعضها عرشه.
ألبوم عمرو دياب هادئ جدا، خالٍ من مشاعر الكراهية، أغانيه كلها تركز على مشاعر الحب الجميلة، وكأنها رسالة لجمهوره ومنافسيه، بأنه بعد هذه الرحلة الطويلة لم يعد في حاجة لأن يكره أحدا أو يكرهه أحد.
وبعيدا عن المشكلات التي لازمت الألبوم، سواء مشكلة التسريب أم الانتقادات بشأن صورة دياب العارية، فإن المستمع للألبوم يلحظ داخله جهدا كبيرا، خصوصا أن عمرو ربما هو المطرب الوحيد الذي يسجل أكثر من 30 أغنية ليقدم لجمهوره 10 أغنيات فقط، هي بالتأكيد أكثرها تميزا.
فأولى أغنيات ألبومه "نقول إيه" جاءت على إيقاع موسيقي "التريبال هاوس Tribal House"، وهي موسيقى جديدة على الجمهور العربي، واستخدم الموزع الشاب الجديد حسن الشافعي الدرامز والكيبورد والسامبلر إلى جانب الترانسات والسيكوينسر، ولم يتوقف الشافعي عند هذه الآلات، لكنه أضاف جملة رائعة جدا في التوزيع وهي الكمان، كفاصل موسيقي أعاد الجمهور لشرقيته.
وكان أداء دياب في الأغنية متميزا للغاية، خصوصا وهو يغني المقاطع نفسها بطرق مختلفة منعت الملل عن الجمهور من كثرة تكرار المقاطع، وكتب الكلمات أيمن بهجت قمر ولحنها عمرو مصطفى.
بعدها تسمع "الليلا دي"، وتعتبر من أفضل أغاني الألبوم، فالكلمات كتبها بهجت قمر واللحن مرة أخرى لعمرو مصطفى، وهو لحن بعيد تماما عن لحن أغنية "سواي Sway"، التي اتهم الكثير الملحن عمرو مصطفى بأنه سرق لحن الأغنية التي غناها أكثر من 41 مطرب حول العالم وترجمت لأكثر من ست لغات، ولكن المشترك بين الأغنيتين هو إيقاع "المامبو" الذي أظهر التشابه بينهم؛ لأن الجمهور العربي لم يستمع لأية أغنية بهذا الإيقاع من مطرب عربي.
مرة أخرى يبدع حسن الشافعي في توزيع الأغنية من خلال العديد من الآلات التي تميز إيقاع المامبو، مثل الترومبيت والبيانو و"الأبرايت باز"، وأضاف الشافعي الجيتار الإسباني في الفواصل الموسيقية، مما أعطى للأغنية جوا راقصا ممتعا، وأكمل عمرو دياب الأغنية بأدائه.
بهجة وسعادة ستسيطر عليك عند استماعك لأغنية "طول ما أنا شايفك" فرغم تكرار الكلمات إلا أنها تحمل إحساس عال من مجدي النجار الرفيق القديم لدياب، وجاء الأداء السهل الممتنع لدياب في الأغنية مع لحن محمد يحيى البسيط ليعطي حال من الدفئ في أغنية بسيطة وجميلة بتوزيع للشافعي مرة أخرى.
من خلال أربع دقائق فقط تستطيع العودة ثلاثين عاما للوراء، فأغنية "حكايات" تتشابه مع حال أغنية "أهواك" للراحل عبد الحليم حافظ، ومع وجود كلمات مشتركة بينهم تتكرر مثل أهواك وأنساك.
اللحن لمحمد يحيى، والكلمات مرة أخرى لمجدي النجار، والتوزيع جديد أيضا للشافعي، فهي موسيقى روسية لاتينية تسمى "لاتن بوسادا"، واستخدم الشافعي في هذه الأغنية آلات متناغمة جدا مع حال الأغنية مثل الجيتار والوود درامز والبيانو.
"أنت الغالي" آخر أغاني الوجه الأول، وأقل أغانيه كلمات عادية، وقد تجدها مملة أحيانا لكن الموسيقى والتوزيع هما الشيء الوحيد الذي رشحها لدخول ألبوم عمرو دياب الجديد، فالموسيقى هي "الهيب هوب Hip Hop"، وهي مشهورة جدا حول العالم، غنى بها إيمنيم وشاكيرا وفيفتي سينت، لكن عمرو دياب لم يذهب بعيدا في هذه الموسيقى وأعطى هيب هوب أقرب لللايت، والكلمات مرة أخرى لمجدي النجار الذي لم يقدم في هذه الأغنية ما عودنا عليه الملحن الليبي المميز البدري كلباش الذي لحن لعمرو "نور العين" و"كمل كلامك".
أولى توزيعات فهد في ألبوم دياب هي أغنية "روحي مرتحالك"، التي احتوت على موسيقى قريبة جدا من "الريجا تون"، التي غناها عديد من المطربين العالميين، منهم "دون عمر"، ولكن عدم ارتفاع صوت الإيقاع الرئيس للأغنية هو السبب في عدم وضوح هذا الإيقاع، الذي يعتمد في الأساس على الإيقاع القوي الثابت في الأغنية، الكلمات لأمير طعيمة، واللحن لمحمد يحيى، والأداء المتميز لدياب من خلال التنويعات التي استخدمها في غنائه للأغنية.
كعادته يبدع الشاعر الكبير بهاء الدين محمد في كتابة القصص الشعرية القصيرة، التي دائما ما يلحنها عمرو دياب، وجاءت "أغنية قالتلي قول" التي تحكي قصة شاب يحب فتاة، تسأله عن حبيبته القديمة وهل كان يحبها، وهو بالفعل سؤال صعب قد يحرج أي حبيبين، وجاء لحن عمرو دياب متميز جدا لصعوبة كلمات الأغنية.
الثنائي الآخر المتميز الذي تعامل مع دياب هو الشاعر خالد تاج الدين وعمرو مصطفى، من خلال أغنية "وفهمت عنيك"، البداية الموسيقية للأغنية على أروع ما يكون لأغنية رومانسية بيانو وجيتار وناي على إيقاع الدرامز والبيركاشن إلى جانب الأوكورديون الذي يتخلل الأغنية، ولم يقع حسن الشافعي في فخ التكرار باستخدام البيانو في مقدمات الأغاني الرومانسية، لكنه ترك للجيتار والناي دور جيد في مقدمة الأغنية وأعطى للدرامز الدور الأكبر.
الفرحة هي التعبير الوحيد الذي سيسيطر عليك وأنت تستمع إلى "ضحكت" التي كتبها المبدع بهاء الدين محمد ولحنها دياب، كلمات جميلة جديدة أيضا ومقدمة موسيقية على نغمة المقسوم.
آخر أغاني الألبوم "خليك معايا" تجبرك على التركيز معها حتى ينتهي الألبوم على صوت خافت لعمرو دياب وهو يقول خليك معايا، البداية أكثر من متميزة من خلال جيتار لمصطفى أصلان وبيانو للموزع والمغني الشاب نادر حمدي، البداية هذه المرة كانت للبيانو ثم تدخل متقن لجيتار الشافعي الذي لم يكرر أي توزيع، رغم توزيعه لسبع أغاني دفعة واحدة في ألبوم دياب، الكلمات لأيمن بهجت قمر رغم أن الكلمات الأصلية للأغنية قد تغيرت بشكل جذري، ولم يبقَ من الكلمات القديمة إلا "خليك معايا".
انتهى ألبوم عمرو دياب، ومع النهاية ستشعر أن "عري" دياب في صورة الألبوم ربما كان يحمل إشارة أنه لم يعد يملك ما يخفيه، وأنه بالفعل المطرب القادر على إبهار جمهوره في كل ألبوم بالجديد الذي يقدمه.
الأحد يوليو 29, 2007 12:55 am
